كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: أَنَّ طَلَاقَ مِثْلِ هَذِهِ) أَيْ حَسَنَةِ الْخُلُقِ وَالْعِشْرَةِ فِي السُّنَّةِ أَيْ فِي حَالِهَا أَقْبَحُ أَيْ فِي حَقِّي.
(أَوْ) قَالَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً وَقَعَ فِي الْحَالِ) لِتَضَادِّ الْوَصْفَيْنِ فَأُلْغِيَا، وَبَقِيَ أَصْلُ الطَّلَاقِ وَقِيلَ: لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ لَا سُنَّةَ لَهَا، وَلَا بِدْعَةَ وَقَعَ عَلَى الْأَوَّلِ حَالًا دُونَ الثَّانِي أَمَّا لَوْ قَالَ: أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَإِنَّهُ ثَلَاثٌ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الْعَدَدِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأْخِيرِ الْوُقُوعِ، وَلَوْ قَالَ: وَلَا نِيَّةَ لَهُ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ اقْتَضَى التَّشْطِيرَ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ حَالًا، وَالثَّالِثَةُ فِي الْحَالَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ عُمِلَ بِهِ مَا لَمْ يُرِدْ طَلْقَةً حَالًا وَثِنْتَيْنِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ يُدَيَّنُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِقُبِلَ إشَارَةً إلَى التَّصْوِيرِ بِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ احْتِرَازًا عَمَّنْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ لَكِنْ الْمُتَبَادَرُ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ: تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ إلَخْ وَبِالثَّانِيَةِ قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُنْظَرُ فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ الْوُقُوعُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا لِتَأَخُّرِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ الْمُفَسَّرِ بِهِمَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ عَكْسَهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَإِنَّهُ وَاحِدَةٌ، وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ زَمَانُ الْحَيْضِ مَثَلًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ لِكَوْنِهِ ثَلَاثًا أَيْ لِأَمْرٍ اقْتَضَى حُسْنَ كَوْنِهِ ثَلَاثًا وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ زَمَانُ الْحَيْضِ مَثَلًا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَقَدْ لَا تَكُونُ حَائِضًا مَثَلًا فِي الْحَالِ فَيَتَأَخَّرُ الْوُقُوعُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْأُولَى مَعَ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ تَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ أَرَادَ ثَلَاثًا ثِنْتَانِ حَالًا وَوَاحِدَةٌ فِي الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي الْأَسْنَى إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى فَلَوْ قَالَ، وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ، وَقَوْلُهُ: فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ إلَّا قَوْلَهُ فَلَوْ قَالَ إلَى أَمَّا لَوْ قَالَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَا يَحْرُمُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرْته فِي الْأَسْنَى (قَوْلُ الْمَتْنِ سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً إلَخْ) أَيْ أَوْ لَا لِلسُّنَّةِ، وَلَا لِلْبِدْعَةِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً أَوْ حَسَنَةً قَبِيحَةً أَسْنَى وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ ثَلَاثٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قُبِلَ) أَيْ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِقُبِلَ إشَارَةً إلَى التَّصْوِيرِ بِمَنْ لَهَا سُنَّةٌ وَبِدْعَةٌ احْتِرَازًا عَمَّنْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ إلَخْ لَكِنْ الْمُتَبَادَرُ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ: تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ إلَخْ وَبِالثَّانِيَةِ قَوْلُهُ أَوْ عَكْسَهُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُنْظَرُ فِي التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ الْوُقُوعُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا لِتَأَخُّرِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ الْمُفَسَّرِ بِهِمَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ عَكْسَهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَإِنَّهُ وَاحِدَةٌ وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ زَمَانُ الْحَيْضِ مَثَلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ لِكَوْنِهَا ثَلَاثًا أَيْ لِأَمْرٍ اقْتَضَى حُسْنَ كَوْنِهِ ثَلَاثًا، وَقُبْحَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ زَمَانُ الْحَيْضِ مَثَلًا، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ فَقَدْ لَا تَكُونُ حَائِضًا مَثَلًا فِي الْحَالِ فَيَتَأَخَّرُ الْوُقُوعُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْأُولَى مَعَ التَّعْلِيلِ بِمَا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ تَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سم أَقُولُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ احْتِمَالِ تَعَلُّقِهِ بِقُبِلَ إشَارَةً إلَى التَّصْوِيرِ إلَخْ مُوَافِقٌ لِصَنِيعِ النِّهَايَةِ كَمَا مَرَّ لَكِنْ قَضِيَّةُ صَنِيعِ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِ قُبِلَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأُولَى قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَ أَيْ فِي قَوْلِهِ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ سُنِّيَّةٌ بِدْعِيَّةٌ إلَخْ أَرَدْت حُسْنَهَا مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ إلَخْ احْتِرَازًا عَمَّنْ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ: عَكْسَهُ الْمُرَادُ بِهِ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ، أَيْ: الْحُسْنُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ فَإِنَّهُ وَاحِدَةٌ، وَالْقُبْحُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ زَمَانُ الْحَيْضِ، وَأَنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ ضَرَرَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى فَقَطْ فَيُفِيدُ كَلَامُهُ عَدَمَ الْقَبُولِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: أَوْ عَكْسَهُ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ الْوُقُوعُ بِأَنْ كَانَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ حَيْثُ أَسْقَطُوا قَوْلَهُ أَوْ عَكْسَهُ كَمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: وَلَا نِيَّةَ لَهُ ثَلَاثًا إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا فِي الْحَالِ أَخْذًا بِالتَّشْطِيرِ وَالتَّكْمِيلِ أَوْ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٍ لِلسُّنَّةِ وَطَلْقَةً لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ طَلْقَةٌ فِي الْحَالِ، وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلْقَةٌ أَوْ طَلَّقْتُك طَلَاقًا كَالثَّلْجِ أَوْ كَالنَّارِ وَقَعَ حَالًا وَيَلْغُو التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ. اهـ. نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَالرَّوْضُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ وَسَكَتَ، وَهِيَ فِي حَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ فَقَطْ أَوْ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ وَقَعَ الطَّلْقَتَانِ فِي الْحَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ اقْتَضَى التَّشْطِيرَ) أَيْ إذَا كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ، وَإِلَّا كَالصَّغِيرَةِ طَلَقَتْ فِي الْحَالِ ثَلَاثًا رَوْضٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت إيقَاعَ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَطَلْقَتَيْنِ فِي الْحَالِ الثَّانِي صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَرَادَ إيقَاعَ بَعْضِ كُلِّ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْحَالِ بِطَرِيقِ التَّكْمِيلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ التَّشْطِيرِ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(وَلَا يَحْرُمُ جَمْعُ الطَّلَقَاتِ) الثَّلَاثِ لِأَنَّ «عُوَيْمِرَ الْعَجْلَانِيُّ لَمَّا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَلَوْ حَرُمَ لَنَهَاهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ، وَمَعَ اعْتِقَادِهَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ، وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَالِمِ، وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ، وَلَمْ يُوجَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُرْمَةَ، وَقَدْ فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَفْتَى بِهِ آخَرُونَ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ ذَلِكَ أَمَّا وُقُوعُهُنَّ مُعَلَّقَةً كَانَتْ أَوْ مُنَجَّزَةً فَلَا خِلَافَ فِيهِ يُعْتَدُّ بِهِ، وَقَدْ شَنَّعَ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِيهِ، وَقَالُوا: اخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ لَا يُعْبَأُ بِهِ فَأَفْتَى بِهِ وَاقْتَدَى بِهِ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَخَذَلَهُ، وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَسَنَتَيْنِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ قَالَ عُمَرُ إنَّ النَّاسَ قَدْ اسْتَعْجَلُوا مَا كَانُوا فِيهِ عَلَى أَنَاةٍ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ» فَجَوَابُهُ أَنَّهُ فِيمَنْ يُفَرِّقُ اللَّفْظَ فَكَانُوا أَوَّلًا يُصَدَّقُونَ فِي إرَادَةِ التَّأْكِيدِ لِدِيَانَتِهِمْ فَلَمَّا كَثُرَتْ الْأَخْلَاطُ فِيهِمْ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ عَدَمَ تَصْدِيقِهِمْ وَإِيقَاعَ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمْ قَالَ السُّبْكِيُّ كَالْمُصَنِّفِ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ انْتَهَى، وَهُوَ عَجِيبٌ.
فَإِنَّ صَرِيحَ مَذْهَبِنَا تَصْدِيقُ مُرِيدِ التَّأْكِيدِ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ بَلَغَ فِي الْفِسْقِ مَا بَلَغَ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: أَحْسَنُهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَادُونَهُ طَلْقَةً ثُمَّ فِي زَمَنِ عُمَرَ اسْتَعْجَلُوا وَصَارُوا يُوقِعُونَهُ ثَلَاثًا فَعَامَلَهُمْ بِقَضِيَّتِهِ، وَأَوْقَعَ الثَّلَاثَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ اخْتِلَافِ عَادَةِ النَّاسِ لَا عَنْ تَغَيُّرِ حُكْمٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ انْتَهَى، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِعَدَمِ مُطَابَقَتِهِ لِلظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ مِنْ كَلَامِ عُمَرَ لَاسِيَّمَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّلَاثُ إلَى آخِرِهِ فَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ لَا جَوَابٌ حَسَنٌ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَحْسَنَ، وَالْأَحْسَنُ عِنْدِي أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا اسْتَشَارَ النَّاسَ عَلِمَ فِيهِ نَاسِخًا لِمَا وَقَعَ قَبْلُ فَعَمِلَ بِقَضِيَّتِهِ، وَذَلِكَ النَّاسِخُ إمَّا خَبَرٌ بَلَغَهُ أَوْ إجْمَاعٌ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ نَصٍّ، وَمِنْ ثَمَّ أَطْبَقَ عُلَمَاءُ الْأَمَةِ عَلَيْهِ، وَإِخْبَارُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِبَيَانِ أَنَّ النَّاسِخَ إنَّمَا عُرِفَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَابْتَدَعَ بَعْضُ أَهْلِ زَمَنِنَا أَيْ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ: إنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ فَقَالَ: إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِالطَّلَاقِ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ لَمْ يَجِبْ بِهِ إلَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ، وَمَعَ عَدَمِ حُرْمَةِ ذَلِكَ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى مِنْ التَّفْرِيقِ عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ لِيُمْكِنَ تَدَارُكُ نَدَمِهِ إنْ وَقَعَ بِرَجْعَةٍ أَوْ تَجْدِيدٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: الثَّلَاثُ مَا لَوْ أَوْقَعَ أَرْبَعًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ إنَّهُ يُعَزَّرُ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ تَعَاطَى نَحْوَ عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَهُوَ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَاةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِكَانُوا.
(قَوْلُهُ: يُصَدَّقُونَ) هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَجِيبٌ) لَك أَنْ تَقُولَ: لَيْسَ بِعَجِيبٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الشَّافِعِيَّ السَّيِّدُ عُمَرَ فِيمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ مِنْ عَدَمِ التَّصْدِيقِ، وَلَا يُقَالُ هُوَ إجْمَاعٌ فَيَلْزَمُ الشَّافِعِيَّ الْقَوْلُ بِهِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّهُ إجْمَاعٌ بَلْ هُوَ اجْتِهَادٌ مِنْ السَّيِّدِ عُمَرَ سَكَتَ عَلَيْهِ مَنْ سَكَتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عِنْدَهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مُوَافَقَتُهُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَادُونَهُ طَلْقَةً) أَيْ اعْتَادُوا التَّطْلِيقَ وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ) إلَى قَوْلِهِ: إنَّهُ يُعَزَّرُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ، وَلَا تَعْزِيرَ م ر.
(قَوْلُهُ: الثَّلَاثُ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ عُوَيْمِرَ) إلَى قَوْلِهِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَقِيلَ يَحْرُمُ، وَقَوْلَهُ: وَهُوَ عَجِيبٌ إلَى: وَقَالَ.
(قَوْلُهُ: عُوَيْمِرَ) كَذَا فِي أَصْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِغَيْرِ أَلْفٍ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْوَصْفِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنَّهَا بَانَتْ بِاللِّعَانِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ إلَخْ) بِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَ دَلِيلٌ إلْزَامِيٌّ لَا تَحْقِيقِيٌّ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ فَعَلَهُ إلَخْ لَا حُجِّيَّةَ فِيهِ إلَّا إنْ كَانَ بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ اعْتِقَادِهَا) أَيْ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ) عَطْفٌ عَلَى الْإِنْكَارِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدَا) أَيْ الْإِنْكَارُ وَالتَّعْلِيمُ، وَقَوْلُهُ: فَدَلَّ أَيْ عَدَمُ وُجُودِهِمَا.
(قَوْلُهُ: أَمَّا وُقُوعُهُنَّ) أَيْ الثَّلَاثِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ فِيهِ يُعْتَدُّ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الشِّيعَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، وَإِنْ اخْتَارَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: اخْتَارَهُ) أَيْ مَا قَالَهُ الْمُخَالِفُ مِنْ وُقُوعِ الْوَاحِدَةِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ اخْتَارَ الْخِلَافَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ الطَّلَاقُ إلَخْ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ أُجِيبُ عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَاحِدَةً) خَبَرُ كَانَ.
(قَوْلُهُ: قَدْ اسْتَعْجَلُوا مَا كَانُوا فِيهِ عَلَى أَنَاةٍ) أَيْ قَدْ اسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ أَيْ مُهْلَةٌ. اهـ. كُرْدِيٌّ.